المصادر والموارد في المنظمات - نموذج تفسيري
المصادر والموارد في المنظمات - نموذج تفسيري
Sources vs. Resources in Organizations - An Interpretive Model
وقد يعتقد البعض أن هذه مشكلة عربية صميمة، نشأت لأن المتخصص العربيّ يستمدّ قراءاته وأفكاره (في أكثر الأحايين) من الأطروحات المكتوبة باللغة الإنجليزية، ثم ينقلها إلى العربيّة، فيترجمها مرةً مصدرا، ومرة موردا، وهكذا. لكن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً على كل حال، ويُحتاج معه إلى تمحيص. وقد أجرينا غير ذات مرة بحوثاً سريعة على باحث قوقل العلمي Google Scholar عن مراجع أجنبية تتحدث عن المصطلحين، فوجدنا أن الخلط بين المصطلحين لا ينحصر بين المتخصصين والباحثين العرب، بل إن الأدبيات المكتوبة باللغة الإنجليزية تضجّ بمثل هذا الخلط (غير المتعمّد بالطبع، أو هكذا نظن) بين المصطلحين، ولا تُقيم وزناً للفرق بينهما.
في هذه التدوينة السريعة، نسعى إلى تقديم نموذج تفسيريّ Interpretive Model يُمكن من خلاله وضع تصور للمصطلحين، ومتى يمكن استخدام أي منما، وفي أي سياق. على أنه ينبغي التأكيد على أن نقاشنا سوف يكون من وجهة نظر منظمية Organizational Approach ، أي من خلال دراستنا للمنظمة، ومتى يكون مالديها مصادر ومتى يكون مواردَ، ثم نسعى جاهدين - بعد توفيق الله – في الوصول إلى تعميم يُوفق بين المصطلحين، ويُغلّب أحدهما على الآخر.
المنظمة
يمكن تعريف المنظمة على أنها "نظام مجتمعيّ، أنشيء بغرض اشباع غايات مُحددة، له بناء اتفاقيّ أو رسميّ، يُسهّل هذا البناء عمليتي التنسيق الداخلي والاستجابة للبيئة الخارجية" [1]. يستند هذا التعريف إلى نظرية النظم Systems Theory ، والتي تنظر إلى المنظمة على أنّها نظام مفتوح (مجموعة من المكونات التي تعمل بتكامل مع بعضها البعض لتحويل المُدخلات إلى مُخرجات مع وجود روابط اتصال بين هذه المكونات لتحقيق التغذية الراجعة). وبما أنه نظام مفتوح (الشركات التجارية على سبيل المثال)، فهذا النظام يعيش في بيئتين، داخلية أو صُغرى Micro Environment ، وخارجية أو كُبرى Macro Environment ، ويتأثر هذا النظام ويؤثر في كلا البيتئين. الشكل التالي يوضح تصوراً للمظمة على شكل أفراد في (قاع المثلث)، يسعون إلى تحقيق أهداف منظمية (قمة المثلث) من خلال تفاعل ثلاثة عناصر (البناء التنظيمي، العمليات، والادارة)، كل ذلك يحدث في بيئة داخلية تُسيطر عليها ثقافة منظمية مُعينة، وتُحيط بالمنظمة بيئة خارجية تتفاعل معها المنظمة فتتأثر بها وتؤثر عليها.
مقتبس من http://practical-management.com/Organization-Development/Organization-fundamentals.html
المصدر والمورد
يترجم قاموس البعلبكي كلمة Source إلى (سبب، أصل، منشأ، منبع، مرجع)، بينما يترجم كلمة Resource إلى (مورد، ثروة، مصدر معلومات، مصدر خبرات، ملاذ، موئل، ملجأ، وسيلة، ذريعة). هذا من ناحية الترجمة العربية لكلمتي مصدر ومورد. ويترجم قاموس Merriam Webster كلمة Source إلى (القوة التوليدية، البداية، نقطة الأصل)، بينما يترجم قاموس Oxford نفس الكلمة Source إلى (شيء ما يمكن الحصول عليه من شخص، من مكان، أو من شيء آخر). أما كلمة Resource فيترجمها قاموس Meriam Webster إلى (مصدر للمؤونة أو الدعم، الوسائل المتوفرة، الثروة المعدودة)، ويترجم قاموس Oxford كلمة Resource إلى (مخزون أو مؤونة من المال، العتاد، البشر والأصول الأخرى التي يمكن الاستفادة منها، مصدر للمساعدة أو المعلومات، الأصول المتوافرة). ومن الاستعراض السابق للتراجم العربية والإنجليزية للكلمة يتضّح أن كملة Source هي أصل لكلمة Resource، حيث الأخيرة اشتقاق من الأولى بعد اضافة السابقة (Re) والتي تفيد التكرار والمداومة.
وفي تقديرنا، أن كلمة مصدر Source تعني المصادر المتوافرة في البيئة الخارجية والمتاحة للجميع، بحسب قدرتهم على الاستحواذ على هذه المصادر. أما الموارد فهي المصادر التي حِيزَ عليها وأصبحت في عداد المملوكات Properties. ونضرب مثالاً على ذلك المياه، فمصادر المياه بالنسبة لشخص ما هي جميع المصادر الطبيعية التي توفر المياه كالبحار والأنهار والبرك والأمطار، أو المصادر الصناعية كمحطات التحلية وشبكات المياه البلدية والمياه المعبأة المُعدّة للبيع. أما موارد المياه بالنسبة لذات الشخص فهي تلك المياه التي حصل عليها (بالشراء مثلا)، واستودعها منزله، وأصبح قادراً على الانتفاع بها، كالمياه المتوافرة في الخزانات الأرضية والعلوية في المنازل والمياه المُعدة للشرب والاستخدام اليومي.
من وجهة نظر منظمية، فإن كلمة Sources تُشير إلى المصادر المُتاحة في البيئة الخارجية (بشرية، مالية، تقنية، معلوماتية، معرفية، إلخ) والتي يمكن للمنظمة الحصول عليها فيما يُعرف بعملية الاستحواذ على المصادر Acquisition of Sources ، بحسب قدرة المنظمة. أما الموارد Resources فهي تلك المصادر التي تمّ الحصول عليها وأصبحت جزءاً من الأصول التي تستطيع المنظمة أن تستخدمها في عمليات خلق سلسلة القيمة Value Chain Creation لغرض انتاج السلع والخدمات والقيم المُضافة الأخرى. الشكل التالي يوضّح نموذج المصادر والموارد.
شكل (2) – نموذج المصادر في البيئة الخارجية والموارد المنظمية في البيئة الداخلية
كما يتضح من النموذج أعلاه، فهناك مصادر مختلفة في البيئة الخارجية (مالية، تقنية، بشرية، معرفية، معلوماتية، إلخ)، تسعى المنظمة إلى الحصول عليها عليها واستيداعها في البيئة الداخلية عبر ما يُعرف بعملية الاستحواذ على المصادر Acquisition of Sources ، ومن ثم تُصبح هذه المصادر موارد منظمية على شكل أصول انتاجية، تستخدمها المنظمة في عملية خلق القيمة لانتاج السلع والخدمات أو القيم المُضافة الأخرى.
وبناءً على النموذج السابق والذي يسعى إلى تحديد السياق لكل من مصطلحي المصادر والموارد، يُمكن القول بأن الموارد ليست إلا مصادر تم الاستحواذ عليها لأغراض خلق القيمة، وعلى ذلك فكل مورد يمكن أن يُطلق عليه مصدر، والعكس ليس صحيحا، إذ ليس كل مصدر يمكن أن يصبح موردا. وكقاعدة عامة، نرى أنه يمكن مجازاً اطلاق كلمة "مصادر" على كل من المصادر والموارد.
المراجع
1. http://practical-management.com/Organization-Development/Organization-fundamentals.html
موضوع واقعي، ولقد لمسنا هذا الاختلاف في الأراء خلال هذا الفصل الدراسي في عدة مصادر
ReplyDeleteفالشكر لك د. عبد الله على طرح الموضوع بشكل واضح وشيء من التفصيل
مما قد يعود بالنفع على كثير من المهتمين بمصادر المعرفة.
موضوع واقعي، ولقد لمسنا هذا الاختلاف خلال هذا الفصل الدراسي في عدة مصادر
ReplyDeleteفالشكر لك د. عبد الله على طرح الموضوع بشكل واضح وشيء من التفصيل
مما قد يعود بالنفع على كثير من المهتمين بمصادر المعرفة.
موضوع جديد وشيق بالتوفيق د عبدالله
ReplyDelete